مأساة الحب في العالم الافتراضي


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style

شاطر
 

 مأساة الحب في العالم الافتراضي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ovh
Admin
Ovh

عدد المساهمات : 3208
تاريخ التسجيل : 14/08/2015

مأساة الحب في العالم الافتراضي Empty
مُساهمةموضوع: مأساة الحب في العالم الافتراضي   مأساة الحب في العالم الافتراضي Emptyالخميس يوليو 27, 2017 12:26 pm

مأساة الحب في العالم الافتراضي 2504053640

مأساة الحب في العالم الافتراضي
كانت الفكرة تدور حول المقارنة بين ما نسميه "العالم الحقيقي" كمقابل لما أُطلقَ عليه "العالم الافتراضي"، وربما نعني به -بشكلٍ عام- كل وسط نستغرق فيه ونتفاعل معه كالنت، وألعاب البليستيشن -مثلاً- ربما ينطبقُ عليها شيئاً من ذلك، وأظن أن هذه الفكرة تنطبقُ على الأفلام أيضاً، فبعضها ندمجُ فيه حتى نعيش -بصورة واقعية- بعضاً من تفاصيله، وهذا يعني أنه قد نجح في إحداث الأثر فينا، أو ربما نجحنا نحن فهم الرسالة الأعمق فيه،
 
لكن لنلحظْ الجانب التفاعلي المتبادل هنا، فهو بالغُ الأهمية، أعني أن يكون هناك أطراف أخرى تتفاعل معهم بصورة حية وقد تكونُ مباشرة أيضاً، وهذا لا يتحقّقَ إلا في النت مثلاً، ومن هنا فالذي يبدو لي أن النت يمثّلُ امتداداً -غير معهود- للفرد، تتوسّعُ فيها ذاته، وهو لا يختلفُ في طبيعته عن الحياة الواقعية إلا في الشكل ومجال التواصل.
التصادف الجغرافي وتفاعلاته التي قد تنتج عنه اللقاءات لا يختلفُ إلا شكلاً -لا مضموناً- عن التصادف الإلكتروني في النت، فهو التقاءٌ بالنهاية، وقد يتولّد عنه -كما الالتقاء الجغرافي- تقاربٌ ما، أو تعارف، وقد يتعمّق حتى يبلغَ مبلغاً وثيقاً
 
مع تقدمُ التقنية استطاع الإنسان أن يختلقَ عالماً تفاعلياً هائلاً، يوازى في مداه هذا العالم المعهود المحسوس، تتوّفر فيها -أي في العالم الجديد- كافة أشكال وصور التواصل بين الناس، ويحدث فيه -تماماً- ما يحدث في ذاك العالم من السلبيات والإيجابيات، المحاسن والمساوئ، لذا فالحذرُ والتيقّظ مما ينبغي توخيه دائماً، لأن الخداع والتضليل والاستغلال موجودٌ في كلا العالمين: الحقيقي والافتراضي. لأنها -كما قلتُ- مجالات أتاحت قدراً كبيراً من التواصل، وبالتواصل تنعقد العلائق بين الناس، وللناس في علاقاتهم مقاصد شتى، فالتعميمُ خطأ، والاحتراسُ واجب.
 
 التصادف الجغرافي وتفاعلاته التي قد تنتج عنه اللقاءات لا يختلفُ إلا شكلاً -لا مضموناً- عن التصادف الإلكتروني في النت، فهو التقاءٌ بالنهاية، وقد يتولّد عنه -كما الالتقاء الجغرافي- تقاربٌ ما، أو تعارف، وقد يتعمّق حتى يبلغَ مبلغاً وثيقاً غامراً وهو ما نسميه "الحب" أو "العشق"، (وبكل حالٍ فليس الحب بالتجربة السارّة دائماً)، وهذه الحالة أرى أنها الأقل إن لم تكن الأندر، وبالطبع قد لا يعدو الأمرُ في الأكثر أن يكون تعارفاً عابراً، بحيث لا يعلق في النفوس منه شيءٌ ذو بال، وإن حدث، فسرعان من يُنسى حتى كأنه لم يكن، وهذا هو ما أراه كثيراً، وقد يتمادى بهما قليلاً فيُظنُّ أنهما قد خاضا لجّةَ الحب، وهما لم يبرحا الشاطئَ بعد، أعني الشاطئ الذي يتجمهر فيه كل عشّاق البحر، ليتفرجوا قليلاً أو كثيراً، فإن غابت الشمس أخذوا أنفسهم ومضوا كلٌ في حال سبيله، أي أنهم لم يبحروا فيه إلا بعيونهم فقط، مع أنهم يحبونه.!
 
والمقصود أن التلاقي في النت لا يختلفُ عن التلاقي الطبيعي، ولكلٍ من التلاقيين مخاطره، كما أن الحذر مطلوب دائماً، ومن رمى نفسَهُ وتساهل وتحول إلى ما يشبه "الشارع" الذي يطرقْه كلُ العابرون، فليعلمْ أن نفسه هي أول ضحاياه، رجلاً كان أم امرأة، وسيلقى الكثير من الصدمات والخذلان والخيبة.
 
لكنني لا أتجاسرُ على التعميم، ولا أقدر على إنكار أن ثمّة علاقات حقيقية تنعقدُ مبادئها في أفق النت، ثم تتطور لتنتقلَ من الأفق الافتراضي للنت إلى الواقع، صحيح أنها تجارب قليلة وأن الناجح فيها في حكم النادر، لكنها حقيقية وليست زائفة، وأن الندرة فيها بسبب الإحجام غير المبرر في الحقيقة، ولهذا فإنني أنصح من رأى فتاةً أعجبتُهُ واقتنعَ بها أن يبادر إلى الزواج منها، وسيكونُ أحمقاً إن جعل من محبتها له تهمةً أو شبهةً تمنعه من الاقتران الشرعي بها، فهذا من الغباء الذي لا ينقضي منه عجبي
 
حيث ترى شاباً يحبُ فتاةً، يحبها حقاً، أو هكذا يزعمُ، ثم تراه متردداً في الزواج منها، لأنه يعتقد أنها عندما أحبته صارت غير موثوقة، بمعنى أنه يرى أن حبها له بات مانعاً من الاقتران بها، فصارَ الحب الآن هو المانع من الاقتران، بدلاً من أن يكون السبب الأهم فيه، وهذا الجاهل لا يعلم أن الميل بين الجنسين نابع من ميل فطري متأصل فينا ما دمنا بشراً أسوياء، وأن هذا الميل عندما غُذّيَ بالتواصل نشأَ عنه الحب، فهو -والحال هذه- طبيعي، ولا يدلُّ على فسادٍ أو خيانة.
 
ليس غريباً أن يعيش الإنسان بذاته التي لم يسلخها في أكثر من أفق، وأن يحلّق بجناحيه عينهما في أكثر من سماء، لكن الحذرُ هو المطلوب دائماً، ولكل عالمٍ منها حقوقٌ وواجبات، فلنؤتي كلّ ذي حقٍ حقَهُ، حتى لا تتصادم تلك العوالم
عندما نتدبّرُ هذه الجزئية سنعرفُ أن الخوف من الإقدام على تأكيد رابطة الحب التي نشأت في أفقٍ إلكتروني افتراضي ونقلها إلى الواقع لا يستندُ إلا على أوهام ليس أكثر، كما أن الخيانات الزوجية لها أسبابٌ كثيرة، وليست مقصورة على أسبابٍ معينة، وكأنها تنتجُ عنها تلقائياً، وأظن أن الحب السابق يعدُّ أحد موانع التورّط في الخيانة، بل أظن أن أغلب حوادث الخيانة الزوجية كانت بسبب إكراه الفتاة على الزواج إما بكبير شئنٍ معدّد أو أنها وجدت نفسها مرغمةً على الزواج من رجلٍ لا تحبه أو لغير ذلك. أما النظر إلى الزواج الذي أنجبه الحبُ وكأنه مولودٌ "غير شرعي"، أو أنه مفضٍ لا محالةَ إلى الخيانة، فهذا مما لا أراه مقنعاً البته!
 
أخيرا إن العالمين "الحقيقي، والافتراضي" ليسا متضادين، ولا متصادمين بالضرورة، لأن كل واحد منهما يعيشُ على هامش الآخر، ومن يحدد الهامش من الأصل هو الفرد، فمنهم من يكونُ الافتراضي هو الأصل، ومنهم من يتخذُ الموقفَ المعاكس، ومنهم من يتوسّط، وخيرُ الأمور -عادةً- هي الوسط.
 
إنني رأيتُ -مثلاً- من يجعل صداقته في عالمه الحقيقي متفرعة عن النت، أي أن بداية التعارف كان بالنت، ثم توثّقتْ تلك الصِلات وانتقلت من الافتراضي إلى الحقيقي، وهذا يعني أن الافتراضي قد بادت مدخلاً للحقيقي، وبهذا التوضيح سيتضحُ ما أقصده بباقي الصور، وهو مما يعني أيضاً أن الفصل بين العالمين لا يبدو حقيقياً، لأن خلعَ صفة الحقيقي على أحدهما قد تعني نزعها عن الآخر، وهذا ما ليس صحيحاً، ثم ما معيار الأحقية هنا، هل يعني أنه المحسوس والمعاش واقعياً مثلاً هو الحقيقي؟
 
حسناً، فما فائدة هذا الفرق؟ لأن الذات في كليهما منغمسة ومتفاعلة، بل الأعجب أن بعض الناس يطغى تفاعله في العالم الافتراضي على تفعله في العالم الحقيقي لأن الخداع أكثر في العالم الافتراضي! لكن العالم الحقيقي هو بدوره- منقسمٌ إلى عوالم شتى، فيها ما يشبه الغابة المليئة بالسباع، بحيث يكاد من دخلها ألا يسلم مهما احترس
 
إذن هي عوالم، والذاتُ فيها هائمة تتلمّسُ وسيلة إلى الانبثاق، وليس غريباً أن يعيش الإنسان بذاته التي لم يسلخها في أكثر من أفق، وأن يحلّق بجناحيه عينهما في أكثر من سماء، لكن الحذرُ هو المطلوب دائماً، ولكل عالمٍ منها حقوقٌ وواجبات، فلنؤتي كلّ ذي حقٍ حقَهُ، فإن لم نفعل؛ تصادمت تلك العوالم، فضعنا وسطَ الركام.
حنان اليوسفي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabeduc.yoo7.com
 
مأساة الحب في العالم الافتراضي
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
رواد الدراسة في الجزائر :: أدب وشعر :: المكتبة الادبية-
انتقل الى: